مقدمة :
تواجه الدول العربية بعض المشكلات في التخطيط التربوي تعرقل خروج الخطط الى حيز الوجود بسهولة وبصورة منظمة , وذلك بسبب وجود قوى داخلية وخارجية مختلفة تأخذ اشكلا متعددة وتلعب دوراها إما في إبطاء حركة التخطيط أو التأثير على فاعليته .
وسوف احاول ان اوضحها في عدة نقاط وذلك من خلال تلخيصها من عدة مراجع
وسوف اركز على اهم التحديات التي تواجه التربويون العرب والتي يمكن تصنيفها الى اربعة تحديات تنطوي تحت كل جزء منه بعض النقاط المهمه التي لايمكن تجاهلها :
اولاً : تحديات من البيئة الخارجية
ثانيا : تهديدات ذات بعد اقتصادي
ثالثاً : تهديدات تخص الادارة التربوية
رابعاً : تهديدات من عملية التخطيط نفسها
اولاً : تحديات من البيئة الخارجية
1- القيود السياسية
ففي العالم العربي تقوم المؤسسة السياسية بتحديد أهداف التربية وغاياتها واستراتيجيات العمل المدرسي ومناهجه لتحقيق اغراض سياسية اجتماعية قريبة او بعيدة المدى ,أما العبء الاكبر في صياغة الأهداف وتحديد الآليات فيقع على المخطط .فهو المسؤل عن تقديم القيم المحددة للأهداف العامة للسلطة ويستخلص منها عدد من الاهداف الفرعية ويعمل على تلاشي التناقض بين الأهداف المتعددة.
وبذلك فإن المخطط يستطيع فقط أن يتحرك في اطار هذه الحدود, وينحصر دوره في تحديد معقولية الاهداف. وفي العادة نرى المخطط يعمل على صياغة الاهداف بصورة بدائل يقدمها لمتخذ القرار مع توضيح لتكاليف كل بديل ومزاياه أي النتائج المترتبة على الاخذ بها على ان يكون المخطط جاهزا من البداية باطار عام مبدئي لكل بديل من البدائل التي يطرحها على متخذ القرار فيما يتعلق بالاهداف وذلك لعدم القدرة على التنبوء بالمتغيرات
2- التحديات العسكرية والامنية
وهي تتمثل في :
· الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية
· الغزو الامريكي للعراق
· الحصار الاقتصادي والنزاعات الداخلية
كل هذا يؤدي الى انخفاض الانتاجية وعدم استقرار الاسواق وخنق عمليات التنمية (غنيمة ص 49)
3- التأثر بالواسطة والمحسوبية والشللية
تأثرت السلطة التربوية بالواسطة مما ادى الى انتشارها على حساب الاسس والمعايير الموضوعية والعقلانية, وكذلك موقفها من اصحاب العلم والدراية والكفاية والفلسفة الواضحة الا في ظروف قليلة ومعدودة. وانعدام المعايير الادارية بالنسبة للتعيين والاختيار والاداء والتقييم, مما ادى الى اضعاف ثقة العاملين والمتعاملين مع القطاع الحكومي بالعمل المؤسسي ويؤدي الى انخفاض الانتاج وقلة الابداع والتطور.
4- مشكلة الهوية الثقافية العربية
يمر الوطن العربي بقضية مهمه جدا وهي قضية الحفاظ على الهوية الثقافية موضع التناقض مع قضية الاستفادة من التكنلوجيا الحديثة وخاصة المعلومات والاتصالات وما يتبعها من تأثيرات ثقافية واجتماعية واعلامية واخلاقية, فيما يعرف بخطر الغزو الثقافي الذي تشنه الحضارة الغربية ضد الحضارة العربية,وقد نجحت في طمس الهوية الثقافية لبعض الدول الفقيرة .
فنحن نواجه ثورة حضارية جديدة في القيم الفكرية والاجتماعية والاخلاقية والسلوكية والسياسية سواء اعترفنا بذلك ام لم نعترف .
فلابد من وضع خطط استراتيجية للتربية المستقبلية الى جانب الالتزام الواعي من قبل المؤسسات التربوية بتوفير مناخات فكرية متفتحة على بيئتها ومجتمعها
5- الاعتماد على الجهات الاجنبية
تعتمد بعض الدول على النقل والتقليد في خططها وعلى تقنيين اجانب رغم وجود الكفاءات العربية والمحلية
ثانيا : تهديدات ذات بعد اقتصادي
1- قلة المخصصات المالية
وترجع لضعف الموارد المالية في الدول العربية , وارتكاز سياسة الموازنة العامة في معظمها على تلبية الاحتياجات من النفقات الجارية, ووكذلك استقرار نسبة موازنة وزارة التربية والتعليم في اغلب الدول العربية مقارنة بالموازنة العامة للدولة
على الرغم من انه تحديا رئيسيا للبلدان العربية .الا ان هناك نجاح كبير لسياسات الاستقرار الاقتصادي في التسعينات والمتمثل في :
أ- خفض معدلات التدفق
ب-تقليص عجز الموازنات (غنيمة ص 50 )
ومع هذا ما زالت بعض الدول تعاني من ركود وتأثر النمو والتأثر المفرط الناتج عن تقلبات اسعار النفط
2- انخفاض مستوى الدخل القومي للفرد
ان مصروفات الدولة او الافراد على التعليم ترتبط ارتباطا وثيقا بالدخل القومي او متوسط دخل الفرد , وهذا يؤدي الى بطء في معدلات التنمية ويسبب مشكلات حادة في التعليم ,مع العلم ان مستوى الفقر المادي في البلدان العربية هي الاقل في العالم (غنيمة ص 51)
ولكن فقر التنمية الانسانية وفقر القدرات وفقر الفرص يعيق النمو الاقتصادي
3- ارتفاع معدلات تكلفة التعليم
اثبتت الدراسات الاحصائية ان تكلفة التلميذ سنويا في مراحل التعليم المختلفة في الدول النامية اكثر منه في الدول المتقدمة ونسبة هذه التكلفة تتأثر بمتوسط دخل الفرد
اما عن اسباب ارتفاع كلفة التعليم في الدول النامية فهي:
أ- زيادة اعداد الطلاب بسبب الزيادة السكانية .
يشمل الوطن العربي 280مليون عربي عام 2000في 22 دولة عربية وهم يشكلون 5% من سكان العالم , نسب النمو السكاني مازالت عالية ومن المتوقع ان يصل عدد السكان مابين 410الى 459 مليونا في عام 2020 , وتتصف الاعمار بأنها اصغر سنا من المتوسط مقارنة بسكان العالم باسره, كذلك من المتوقع مستقبلا ظهور هيكل جديد للاعمار حيث تزداد نسبة المسنين وتقل نسبة الاطفال, وكذلك ارتفاع نسبة التحضر (غنيمة ص 52)
ب- تبني معظم الدول مبدأ التعليم الالزامي المجاني في المراحل الاساسية
ت- ارتفاع معدلات التضخم مما يؤدي الى انخفاض القيمة الشرائية للعملات المحلية
انخفاض القوى الشرائية الى 13.9% من الدخل للمواطن في منطقة منظمة التعاون والتنمية في اواخر التسعينات (غنيمة ص 51)
ث- ارتفاع مرتبات المعلمين بالنسبة لمتوسط دخل الفرد فيها
ج- التطور التكنلوجي والعلمي وما يترتب عليه من ضرورة تزويد المدارس بالأجهزة والوسائل التعليمية المتجددة مما يسبب عبء مالي على النظام
ح- ارتفاع عدد المتسربين والرسوب الذي يزيد من نفقات التعليم
4- ضعف مشاركة الافراد ومؤسسات المجتمع المدني والمؤسسات الاقتصادية والتجارية في تمويل التعليم
ثالثاً : تهديدات تخص الادارة التربوية
1- القيادات التربوية
منه عدم تنفيذ العملية الادارية بفاعلية وكفاءة خلال تنسيق جهود العاملين فيها,ولم تتعامل مع مسائل التربية كونها وحدات متشابكة ومتداخله مستمرة ومتطورة ,بل ركزت علىجهودها وقدرتها في الامور الاجرائية دون المهام والقضايا الفنية , ولم تفتح باب الحوار , ولم تتسم بالتجديد والشباب القائم ,كما تركزت على البيروقراطية والمركزية والمحسوبية وبعض القياداتة الادارية ليست مدركة لاهداف المؤسسات وغير ملمة بالاسلوب الاداري الحديث
2- قدم التشريعات التربوية
بسب قدم التشريعات التربوية (القوانين والانظمة) المعمول بها قد حدت من امكانية بناء الشراكات مع الجهات المعنية , او تعيق تفويض الصلاحيات او تغيير السياسات او التكيف السريع مع المستجدات
3- الافتقار الى رؤية تربوية مشتركة
لابد من وضع استراتيجيات مستقبلية لرؤية المستقبل الذي نريد ونتمنى , والنظر للقضايا الاستراتيجية ذات الأولوية , وطرح مجموعة من البدائل التي تساعدنا في تحديد مايمكن ان تكون عليه النظم التربوية في المستقبل من حيث عمليات التطوير والتحسين , وتوصيف الوظائف والمسؤليات ودراسة احتيجات المجتمع والعمليات والموارد وفرص المنافسة, واشراك المعلمين والاداريين والاحزاب السياسية ان وجدت والتنظيمات المجتمعية وكافة قطاعات الدولة في تحديد الرؤية , وتحديد مهام التوجية , والعوامل المحفزةوتخصيص الموارد المالية والبشرية لتنفيذها وتقييمها
4- المركزية
تعني المركزية ان جهاز التخطيط على المستوى الوطني (وزارة التربية والتعليم)هو الذي يقوم بوضع الخطة التعليمية واتخاذ جميع القرارات المتعلقة بنمط استخدام الموارد وفي ظل المركزية الشديدة لايكون للمستويات التخطيطية الادنى او الوحدات القائمة بالتنفيذ الا ان توافر المعلومات والبيانات المتاحة والظروف المحيطة بالتنفيذ للسلطات المركزية العلياء ,دون ان يتسع دورها ليتضمن تقديم مقترحات للسلطات التخطيطية المركزية عن البرامج أو السياسات التخطيطية , وبذلك ينفرد الجهاز التخطيطي المركزي بعملية اعداد الخطة التعليمية , وهذا يتعارض مع كون التخطيط عملية تستند الى المشاركة الايجابية بين المخططين والمنفذين ولذلك ينبغي اخذ المركزية الديمقراطية التى لاتستبعد الفصل بين التخطيط والتنفيذ
5- ضعف التنسيق والتنظيم
من اسباب التي تجعل التنظيم الاداري عقبة في طريق التخطيط منها:
أ- المركزية الشديدة في التخيط
ب- ضعف التنسيق بين جهود القطاعات والوزارات المختلفة المسؤلة عن التنمية البشرية والاجتماعية بمفهومها الشمولي
ت- ضعف قنوات الاتصال الافقي والعمودي وهو الذي يؤدي الى تشتت الجهود
ث- ضعف التخطيط التشاركي بين الوزارة والميدان وبين التنظيمات الفرعية للنظام التعليمي ككل
ج- قلة القدرات التربوية السليمة
ح- التأخر في صنع القرارات
خ- الافتقار الى العمل المؤسسي في الوزارة بمعنى ان وحدة التخطيط في الدائرة لاتمارس نشاطات تخطيطية محددة
ان الادارة تلعب دورا هاما في التخطيط فاذا كان المخطط التربوي يقوم باعداد الخطط وتصميمها فان مهمة الادارة ان تتحمل مسؤلية التنفيذ
6- السياسات التربوية
لابد من اعادة النظر في السياسات التربوية المتبعة لان معظم الخطط التربوية سواء في جانبها الكمي او الكيفي غير قادرة على تحقيق الاهداف التربوية ذات المردود الايجابي على الفرد والمجتمع مثل عدم الاهتمام بتعليم الكبار او بقدر بسيط والاهمال في التربية الخاصة بالمعاقين والتركيز على التعليم في الثانوي والجامعي على حساب المستويات الاخرى
محمد بلغيث الشهري m_monsht@hotmail.com
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق